لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ
لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ – محمد مهدي الجواهري
لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ - محمد مهدي الجواهري | |
---|---|
لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ | حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ |
لم يبقَ عندي كفاءَ الحادثاتِ أسىً | ولا كفاءَ جراحاتٍ تضجُّ دمُ |
وحينَ تطغَى على الحرَّان جمرتُهُ | فالصمتُ أفضلُ ما يُطوَى عليهِ فمُ |
وصابرينَ على البلوى يراودهُمْ | في أن تضمَّهُمُ أوطانُهم حلمُ |
تذكَّروا عهدَ بلفورٍ فقلتُ لهمْ | ما تستجِدُّونَهُ عهدِي بهِ القِدَمُ |
مِن قَبلِ سِتِّينَ من خَزيانِ مَولِدِهِ | أقمتُ مأتمَ أرضٍ قُدسُها حَرَمُ |
لا يَغضَبَنْ سادةٌ تُخشى معرَّتُهُم | بل المعرَّةُ في أنْ يَغضَبَ الخَدَمُ |
فلستُ أخلِطُ ما يَجنيهِ مِنْ تُهَمٍ | شعبٌ برئٌ وما يَأتيهِ مُتَّهَمُ |
وإنَّما أنا من أوجاعِ مجتمعٍ ٍ | جرحٌ، ومن جَذوَاتٍ عِندَهُ ضَرَمُ |
كم تَنقُضُونَ بأعذارٍ مُثَرثَرَةٍ | ما تُبرِمونَ، ولا يعنيكمُ البَرَمُ |
شأنَ الذليلِ وقد دِيست كرامَتُهُ | وقلَّما عِندَهُ أن يَكثُرَ الكَلِمُ |
دمشقُ يا أمَّةً حَطَّتْ بها أُممُ | مِنها إذا نُكَّسَتْ أعلامُها عَلَمُ |
كأنَّما هيَ عنْ أوزارِ جِيرَتِها | كفَّارَةٌ، وعنِ الساعِي بِها نَدَمُ |
يا هِمَّةً باسمِها تُسْتَنهِضُ الهِمَمُ | يا قِمَّةً تتهاوَى عِندَها القِمَمُ |
دمشقُ، إنَّ وجوهَ الغدرِ سافِرَةٌ | أَخَفُّ مِنها شُروراً وهيَ تَلتَثِمُ |
إنَّ النفاقَ حفيرٌ لا تلُوحُ بهِ | خُطَى المنافقِ إلَّا يومَ يَرتَطِمُ |
تَأَلَّبَ الشرُّ مسعوراً بهِ نَهَمٌ | إلى العضاضِ، وإن أودَى بهِ النَّهَمُ |
ودَوَّخَ الصمتُ مِهذاراً يُدَاخُ بهِ | ودبَّ في السمعِ مِن سَمَّاعةٍ صَمَمُ |
وارتدَّ عنكِ وأحلافٌ لهُ خَدَمٌ | مُغْبَرَّ وجهٍ على خَيشُومِهِ رَغَمُ |
وكم تَلَوَّحَ وجهٌ مِثلَهُ قذرٌ | ولَّى بأنظفِ كفٍّ منكِ يُلتَطَمُ |
وأنتَ يا أسَدَ الغابِ الَّذي حلَفَتْ | بهِ الرجولةُ أنْ تَستَأسِدَ الأُزَمُ |
يا أيُّها الجبلُ الرَّاسَي بهِ أَنَفٌ | منَ الرّضوخِ ومِن أن يَنحنِي شَمَمُ |
ثَبِّتْ لها قَدَمَاً تَرهبكَ مَذْئَبَةٌ | ما إِن تُوَطَّى لها في غَابةٍ قَدَمُ |
يا حافظَ العهدِ أعطَاهُ مَواثِقَهُ | ما عاشَ أنَّ عُراهُ ليسَ تَنفَصِمُ |
أَعطتكَ مَوثِقهَا الدنيا وأُسرَتُها | أنَّ المُفاداةَ جيشٌ ليسَ يَنهزِمُ |